- فقاعات من أعماق مستنقع قديم
- بقلم الشاعر إبراهيم العمر
- ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- صدقيني, لقد شعرت بحرارة جبينك على شفتيي
- وأنا أقرأ رسالتك الجميلة الحالمة,
- شعرت بنعومة شعرك الكستنائي بين أصابعي
- ينساب مثل خيوط الضوء
- ويسري في جسدي
- وينساب مثل نسمات الهناء والسرور
- الى نخاع كل عظمة من هيكلي,
- يحملني الى كوكب سحري,
- يلمس كل شعرة صغيرة على جلدي,
- يداعبها بكل عطف وحنية,
- أنا أتلمس بشفتيي كل شعرة فيك,
- أنا ، سيدتي ، كالقادم من الغموض ،
- كالقادم من الجهل ،
- كالقادم من أنقاض الغربة .
- أنا كالقادم من أعماق الظلمة ،
- أقف أمام الضوء العالي كالمبهور.
- أنا لا أرى في هذا النور .
- أنا كالغيمة في آخر الصيف ،
- انعصرت حتى آخر قطرة ندى ،
- احتفظت بالشكل وأضاعت المضمون ،
- تهت مع الهواء في السماء ،
- أتمايل فوق الأراضي العطشى
- وروحي عطشى ،
- روحي غمامة خالية من الرطوبة
- ومهمومة من هجر الشتاء .
- أضناها انتظار شباط
- وأعياها الجفاف ،
- أحزنها أن يظن الناس أن دموع تلك السحابة المتهالكة تحت اللظى هي حبات المطر ،
- أحزنها أن ترتوي الصحراء بتلك الدموع ،
- ماذا ستنبت غير الأشواك والهجر ؟
- ماذا ستنبت غير حبات الرمل ؟ .
- أنا ، سيدتي ، كالغريب ،
- القادم من غير أهل ،
- من غير تاريخ
- ومن غير قصص وحكايا .
- أنا كالمرايا
- التي تنظر في المرايا ،
- وجها لوجه .
- أنا لا أرى كل كمية هذا القهر ،
- أنا لا أرى ماذا تفعل بأساريري ..
- خربشات هذا الدهر ،
- أنا صورة غير متناهية للا شيء ،
- أنا تكرار سرمدي للعدم .
- أنا كالبالوعة ،
- أعيش في المياه
- وأشتكي من العطش .
- أنا كالقادم من غير أمس .
- أنا رعد من غير برق .
- أنا كلمة خرساء ..
- لم تتلفّظ بها الشفاه,
- ولو حتى بالهمس .
- أنا عذاب الضمير ..
- وعقاب الندم .
- أنا شجرة برية ،
- تزّهر من غير ثمار .
- أنا أزهار ،
- بلا مناظر ،
- وبلا أشكال ،
- وبلا ألوان .
- أنا كلمات ،
- بلا حروف ،
- وبلا معنى .
- أنا صفحات سوداء من الخربشة ،
- دون سطور .
- أنا قصة طويلة ،
- من غير موضوع .
- أنا فيلم ممّل ..
- من غير مخرج ،
- ومن غير ممثلين .
- أنا خيال من غير جسد ،
- وصدى من غير صراخ .
- أنا حكم بالبراءة
- مع وقف التنفيذ ،
- وظلم من غير قضية .
- أنا حب بلا كلل
- وانتظار بلا ملل
- وإصرار بلا أمل .
- أنا جرح لا يندمل
- وألم لا ينتهي
- وداء بلا شفاء .
- أنا ، سيدتي ، كالعائد من القبور ،
- أنا هيكل عظمي ،
- أنا جسد منخور .
- أنا جئت من غير ولادة ،
- وجدت نفسي عجوزا ،
- دون ماض ،
- دون براءة
- ودون طفولة .
- أنا ألعب بمراجيح الظلال ،
- المعلقة على أغصان الليل
- في غابات الخوف .
- أنا أمشي على الجمر ،
- في طريق وعر مهجور ،
- على حافة واد سحيق .
- أعاني من الجفاف ،
- جسدي متصّدع منهار ..
- أنا جئت من غير قرار .
- ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- إبراهيم العمر
الأربعاء، 20 يوليو 2016
فقاعات من مستنقع قديم *** ابراهيم العمر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق