السبت، 11 فبراير 2017

جذور ثقافية "سيرة ذاتية" \\\\\\ يحيى محمد سمونة



25 - جذور ثقافية "سيرة ذاتية"

يكتبها: يحيى محمد سمونة

في مرحلة دراستي الثانوية [1973 -1976] كان عبد العزيز ـ صديق الدراسة ـ قد بدأ يتقرب إلي أكثر و أكثر بعد أن لاحظ في سلوكي ما يشير إلى شيء من تدين و توجه فطري خلا من رياء و تنطع. و كان صديقي هذا يؤكد لي على أهمية الصلوات الخمس و يحثني عليها، و لم يكن يدور في خلدي أن عبد العزيز لديه ارتباطات بجماعة دينية، و كنت ألمح في سلوكه شيئا من توازن و اعتدال من غير تطرف أو مغالاة، لكنه إذ صرح لي بانتماءاته و طلب مني أن أنضم إلى جماعته التي بحسب قوله تعمل على نشر الدين بصورة مشرقة خلت من غلو أو تشدد وجدتني أتردد في قبول عرضه ذاك بحكم أنني لا أجرؤ على اتخاذ قرار قبل أن أقلب وجهات النظر فيه كثيرا و طويلا! [ لكنني مع ذلك كنت محدود المدارك، و أتأثر كثيرا بما يقال باعتبار الصدق الذي يلازم أقوالي و سلوكي كله و أظن أن الناس كلهم كذلك!]
و لا أكتمكم أنني تسرعت في اتخاذ قراري و غدوت واحدا من أفراد تلك المجموعة الدينية، و لم أكن يومها على درجة من الوعي تخولني أن أدرك أن صديقي عبد العزيز و غيره و سواه و من هو أعلى رتبة منه كلهم صادقون في توجهاتهم لكن أياد غير منظورة تعمل في خفاء تبحر بهم حيث شاءت! و ذلك بعد هيمنتها ـ بأسلوب ذكي و خفي ـ على البرامج التثقيفية في أرجاء الأرض قاطبة!
كان قد مضى على انضمامي إلى تلك المجموعة الدينية أربعة أعوام من قبل أن أغادرها بسبب انقطاع اتصالي بها لظروف حتمية [لعلها تصاريف القدر شاءت ذلك]
فيما يخص أحوالي التثقيفية كانت تلك فترة زاهرة في حياتي حيث أقبلت بشغف شديد على اقتناء الكتب و بدأت تتشكل عندي نواة مكتبة غدت عامرة فيما بعد و قد تنوعت فيها اهتماماتي! فمن كتب الدين إلى التاريخ إلى الفلسفة و التربية و علم النفس إلى علوم التقانة و التكنولوجيا، هذه بالاضافة إلى كتب الأدب و الفكر و ما يلوذ بهما.
و في تلك الفترة بدأ يتشكل و يتبلور عندي نمط التفكير الأكاديمي الذي خلت منه العواطف و المثاليات و التهويمات التي ترافق عادة نمط التفكير الشعبي لدى عوام الناس! حتى رأيتني إذ ذاك أجابه العديد من أنصاف المثقفين في طريقة قراءتهم للأحداث عموما! تلك القراءة التي لا تخلو من تشنجات و لا تكاد تسبر أغوار الحداث بحثا عن حقيقة مسبباته، و كنت أفند الكثير من الآراء المبنية وفق نمط التفكير الشعبي [العامي]


ـ يحيى محمد سمونة.حلب ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق